يقدِّم الفيلم الوثائقي الجديد "كوكب جميل"، صوراً رائعة لكوكب الأرض كان قد التقطها رواد فضاء من على متن محطّة الفضاء الدوليّة، حيث تحوَّلوا إلى مصورين سينمائيين وممثلين، لعبوا الدور الأكبر في أحداث الفيلم، بعدما سُمِح لهم بتوثيق كل ما يريدونه على متن محطة الفضاء الدولية.

تبدأ أحداث الفيلم بفكرة تشمل مجموعة من اللقطات لأهداف أرضية محددة، ومجريات الوضع داخل المحطة، كتغطية الاحتفال بالعطلات، بالإضافة إلى توثيق العديد من لحظات المرح داخل المحطة. كما تضمنت أحداثه تحركات رواد الفضاء أثناء قدومهم ومغادرتهم للمحطة، ومكابدتهم عند دخولهم في بزات الفضاء وخروجهم منها، فضلاً عن توثيقه لأكثر لحظات الملل في حياة رائد الفضاء، كإعداده لفنجان قهوة في حالة انعدام الوزن، وأخذه للعينات الأولى من نبات الخس الذي زرعته وكالة "ناسا" في الفضاء.

ويقدم الفيلم مشاهداً ساحرة ولحظات مليئة بالمرح داخل محطة الفضاء الدولية، مثل قيام رائدة الفضاء كريستوفوريتي ذات الشعر الشائك، وهي رائدة فضاء مشاركة في الفيلم، بتقليم أظافرها أو تحليق كيس من الفاكهة في حالة انعدام الوزن أو احتفال أفراد الطاقم بعيد الميلاد، من خلال تركهم للحليب والكعك في غرفة معادلة الضغط. غير أن مخرجة الفيلم لم يتسن لها الحصول على الوقت الكافي - أو اللقطات على الأرجح - لاستكشاف الروابط التي قامت بين رواد الفضاء الذين يعملون في هذه المنطقة المغلقة، أو أن تذهب بعيداً في تجاربهم العلمية.

وكان منتجو الفيلم قد خصصوا نحو 30 ساعة لتدريب أفراد طاقم محطة الفضاء الدولية لكي يعملوا كمشغلي كاميرا، وذلك قبل انطلاقهم في رحلاتهم إلى المحطة، حيث بدأوا بعد وصولهم إلى المحطة، في التقاط صور للكرة الأرضية باستخدام كاميرات رقمية محمولة مع تقنية IMAX 3D ثلاثية الأبعاد. كما أنهم ظلوا على اتصال دائم مع طاقم الفيلم طوال فترة تصويرهم له.

ولم يكن مسموحاً على الإطلاق لطاقم الفيلم بالتدخل في الجدول الزمني الرئيسي للطاقم، والذي يتمثل في إنجاز الجانب العلمي والحفاظ على المحطة، في حين تم تصوير معظم أحداث الفيلم خلال عطلات نهاية الأسبوع والأماسي. كما شكلت الأحاديث والملاحظات المرتجلة لرواد الفضاء معظم الحوار الذي دار في الفيلم.

والفيلم من إخراج الكندية توني مايرز التي أخرجت الأفلام الوثائقية الشهيرة "الكوكب الأزرق"، "هابل 3D" و"محطة الفضاء 3D"، وذلك بالتعاون مع وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" و"Imax Entertainment". وقالت مايرز لوسائل الإعلام عند إطلاق الفيلم "هذا هو فيلمنا السابع الذي يتم تصويره في الفضاء. وكنا قد أطلقنا فيلمنا الثاني في العام 1990 بعنوان "الكوكب الأزرق"، والذي شاهدنا فيه لأول مرة الكرة الأرضية من الفضاء". وأضافت: "اعتقدت بعد نحو 20 عاماً من ذلك أن الوقت حان للعودة. والآن كان لدينا محطة فضاء مكتملة، وتتمتع بقبة جميلة حفزتنا لكي نعود".

وتابعت مايرز: "إنه جهد تعاوني، غير أن أفراد طاقم محطة الفضاء الدولية أسهموا بشكل كبير في ذلك، لأنه كان لديهم حب استطلاع كبير، وكانوا مبدعين في حد ذاتهم".  وأردفت: "بعد عملي في فيلم "محطة الفضاء"، والذي صورنا فيه بناء هيكلها، تعاملنا بشكل واضح مع الكثير من النظم التي تم تزويدها بها، وكذلك تصميمها والعمل الذي لزم إنجازه للحفاظ على حياة الأشخاص الستة جميعاً. لقد تعلمت حينها الكثير من ذلك".

غير أن فكرة الفيلم كما يراها صُنَّاعه لا تتمحور فقط حول مفهوم الانتقاد بصورة مفرطة لتأثير البشر على كوكب الأرض، وإنما في أن تُلهِم الأطفال الصغار، وتغرس في نفوسهم أهمية إعادة التدوير، الحفاظ على الموارد، وتوفير المزيد من مصادر الطاقة المستدامة.

ويتوهج إبداع فيلم "كوكب جميل" أكثر عندما يلقي نظرة على هشاشة الكرة الأرضية من على قبة محطة الفضاء الدولية، حينما توثِّق الكاميرات آثار تغيُّر المناخ في أماكن مثل مدغشقر والبرازيل، تأثير إزالة الغابات في تضاؤل الموارد، الجور على الحيوانات، الأراضي القاحلة، الجفاف والحرائق التي جرَّفت غابات ولاية كاليفورنيا.

وهكذا كانت رؤية الأرض من الفضاء الخارجي حلماً أسعد الكثيرين بما فيهم صُنَّاع فيلم "كوكب جميل"، من رؤية الخضرة التي تشع من الشفق القطبي إلى عواصف الليل. فليس هناك من منظور يعلو على التحديق من خلال هذه النافذة البانورامية على العالم، كما تفيد راوية الفيلم الممثلة الأمريكية جينيفر لورنس.

وتجدر الإشارة إلى أن أول ثلاثة رواد فضاء شاركوا في الفيلم هم تيري فيرتس (أمريكي)، وأنطون شكابلروف (روسي) وسامانثا كريستوفيريتي (إيطالية)، وبعد ستة شهور غادروا وتركوا مكانهم لبعثة أخرى.

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).